مركز أمريكي يُشرِّحُ أعطاب وتعثرات الفلاحة المغربية
صغارُ الفلاحِين في المغرب لا يزالُون في حاجةٍ إلى دعم الدولة، كيْ يستفيدُوا منْ مقدرات القطاع في العالم القروِي، سيما أن الفقر بالعالم القروِي بالمملكة أكثرُ منهُ في المدن، فيما لا يملكُ المزارعُون سوى مساحات مجهريَّة، ذاكَ ما كشفَت عنهُ دراسة أعدهَا مركزُ التفكير الأمريكي "برُوكينغسْ" عن جملة أعطاب تقفُ حجر عثرة أمام الاستفادَة من مؤهلات الفلاحة المغربية.
ومنْ الأمُور التِي تملِي إيلاء الدولة عناية أكبر للقطاع الفلاحِي، بحسب الدراسة، كونها تشغلُ في المغرب 40 بالمائة من الساكنة النشيطة، وهي نسبةٌ أعلى بكثير منْ بعض دول المنطقة، حيثُ لا يتعدَّى المعدل 15 بالمائة في تونس، وعشرين بالمائة في الجزائر.
وإذَا لمْ يُولَ الفلاحُون الصغار أهمية، دون الحديث عنْ الاستغلاليات الكبرى التي تحققُ معاملات عالية، "فإنهم سيواصلُون هجرتهم نحو المدن، ليستقرُّوا على هوامشها إلى جانب المعدمِين، في شروط اجتماعيَّة قاسية"، تقُول الدراسة.
وتشرحُ الدراسة الموسُومة بـ"الفلاحة والتنمية القرويَّة لأجل نمو شامل وأمن غذائي في المغرب"، كيفَ أنَّ سبعين في المائة من الاستغلاليات الفلاحية بالمغرب، لا تتخطى في المعدل خمسة هكتارات، كما أنها لا تخرجُ عنْ نطاق الفلاحة العائلية، على أن حيفًا يطالُ المرأة في البوادِي، حيثُ إن النساء المغربيات لا يملكنَ سوى 5 في المائة منْ مجمل الأراضي الفلاحية بالمملكة، بالرغم من تشكيلهن نسبة تتراوحُ بينَ 23 و35 من اليد العاملة في الاستغلاليات.
علاوةً على ذلك، رصدت الدراسة صعوباتٍ يواجههَا الفلاحُون متى ما أرادُوا الحصُول على تمويلات بنكيَّة، واحتاجُوا إلى المساعدة التقنيَّة في العالم القروِي، حيثُ يعيشُ 43 وأربعُون بالمائة منْ الشعب المغربي، تقبلُ على التقلص خلال السنوات القادمة.
ويتوجبُ على المغرب، بحسب الدراسة، أنْ تستبق مشاكل الأمن الغذائي برفع المخزُون الوطني، سيما أنَّ خمسة بالمائة من أبنائه يعانُون أمراض سوء التغذية، حتى وإنْ كانتْ نسبة من المغاربة تعانِي أمراض السمنة، وأن أسعار الغذاء ارتفعت على الصعيد العالمِي، وتقبل على مزيد من الارتفاع خلال الأيام القادمة.
وتنبهُ الدراسة إلى أنَّ المغرب يستهلكُ من الحبوب أكثر مما ينتجُ، الأمر الذي يجعلهُ معتمدًا على الاستيراد منْ الخارج بأكثر من ثلاث مرات، قياسًا بالمعدل العالمِي، المحدد عند 16 في المائة، في الوقت الذِي لا تتوفرُ المملكة على مداخيل كافية من الصادرات لتغطية الواردات.
ويطرح الإشكال بحدة أكبر، تقول الدراسة، عند تقلب الأسعار في السوق الدولية، تبعًا لما يتلاحقُ من تغيرات جيُوستراتيجيَّة منْ حروب تستعرُ أكثر فأكثر، كوارث طبيعية يستتبعها التغير المناخِي، قدْ يضحِي من الصعب جدا الحصول على الحبُوب بأي ثمن كان "مما يكون معه ضروريًا أكلُ المغاربة مما يزرعُون".
إرسال تعليق